السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تتكرّر مشكلة الشعور بثقل الرجلين بسبب بطء عودة الدم في الأوردة. وقد تتطوّر هذه الحالة حتى الإصابة بـ «الدوالي»، وتشتدّ إلى تقرّح الرجل أو تخثّر الدم في الأوردة! وتصاب النساء بهذه المشكلة بنسبة أكبر من الرجال. وحالياً، هناك العديد من العلاجات الحديثة، بعضها جراحي، وبعضها الآخر دوائي أو يتلخّص في ارتداء جوارب خاصّة. وللتوسّع أكثر في الموضوع، «سيدتي» حاورت الإختصاصي في جراحة الشرايين البروفسور جورج تابت.
بيّنت دراسة أميركية أن تناول بعض الأدوية المنعشة للشرايين لدى ظهور أعراض المرض تساعد على إيقاف تطوّره، وتسمح بالحفاظ على الأوردة. ويتأثّر نحو 57 في المائة من النساء و26 في المائة من الرجال بمشكلات الشرايين.
- ما هو السبب الرئيسي للإصابة بهذه المشكلة؟
ثمة مجموعة من الأسباب المسؤولة عن هذه الحالة، أبرزها: الوراثة، الحمل، البدانة، حوادث السير التي ينتج عنها كسور تحتاج إلى تثبيت، الإصابة بتخثّر وريدي سابق. وفي الموازاة، ثمة عوامل مسؤولة تتعلّق بنمط الحياة، كالوقوف أو الجلوس لفترات طويلة، عدم ممارسة الرياضة، التعرّض للحرارة لمدّة طويلة، إرتداء الأحذية ذات الكعب العالي أو الثياب الضيّقة على مستوى الفخذ، إستخدام الهورمونات وموانع الحمل، تناول الحر والمشروبات الروحية.
- كيف تتفاعل هذه المشكلة، مع مرور الوقت؟
يمرّ الدم من الأرجل على مسافة متر ونصف المتر للوصول إلى القلب، وهذه المسافة ليست سهلة لنجاح العملية. وهناك عاملان أساسيان لا بدّ من العمل عليهما: الضغط على كعب الرجل وشدّ عضلات الساق، ما يساهم في إعادة ضغط الدم الوريدي الخالي من الأوكسيجين نحو القلب، علماً أن الصمّامات تمنع الدم من التوجّه نحو الأسفل، في الحالات الطبيعية. أما حين تصاب هذه الصمّامات بعطل، فتكون المشكلة كامنة في عدم سير الدم في الأوردة بشكل منتظم، وتتدفّق بعكس سيرها الطبيعي، ممّا يجعل الشخص يشعر بالأعراض المزعجة.
وإذ كانت الأسباب ما تزال غير واضحة، إلا أن هناك العديد من النظريات في هذا الصدد، أبرزها إصابة غشاء الشرايين الداخلية بالإلتهاب، وهذه الطبقة الرفيعة موجودة على الطبقة الداخلية للأوردة والشرايين، علماً أن سبب تدهور وضع الأوردة يتمثّل في الكريات البيضاء التي تتفاعل مع الخلايا الغشائية، لتشكّل نوعاً من الإلتهابات التي تضرّ بالصمّامات وتعطّل عملها! وتسبّب هذه المشكلة آلاماً واحمراراً في الأرجل، وتفسد عمل الصمّامات.
وبما أن الصمّامات لا تعمل جيّداً، يراوح الدم الفقير بالأوكسيجين مكانه في الأوردة مسبّباً انتفاخها وتحوّلها إلى دوالٍ (فاريس). وإذا استمرّت هذه الحالة بدون علاج، يسير الدم الوريدي عكس مجراه الطبيعي، وتبعث الأوردة بثاني أوكسيد الكربون إلى الجلد ما يغيّر لونها في مرحلة الأولى، ويسبّب تقرّحها في مرحلة ثانية.
وتجدر الإشارة إلى أن جمود الدم في الأوردة مع وجود التهاب على غشائها الداخلي، يشجّع حدوث التخثّر الوريدي (الفليبيت).
دواء جديد
- ما أهمية التدخّل المبكر للعلاج؟
خلال الفترة الأولى، كانت الأهمية ترتكز على تفسير ظاهرة تدمير الأوردة. وفي مرحلة ثانية، تمّت دراسة تأثير الأدوية المنعشة للأوردة وكيفية مساعدتها على إيقاف تطوّر المرض. والدواء الذي تمّ اكتشافه حديثاً هو عبارة عن مركّب أساسه الأعشاب من الحمضيات بعد تصنيعها، يمتصّها الجسم للإستفادة منها.
- ما هي الحسنات التي أظهرها استخدام الأدوية الحديثة؟
يساهم العلاج المبكر في العمل على مستوى الخلايا الغشائية، ويسمح في التخفيف من تلف الصمّامات في الأوردة. وبهذه الطريقة، نمنع رجوع الدم إلى الرجلين وتحوّل هذه الأوردة إلى الدوالي، ثم التقرّح.
وقد ساعد هذا العلاج على تحسين الدورة الدموية الوريدية، فضلاً عن التخفيف من مشكلات الإلتهابات، كما حافظ على سير الدورة الدموية في الأوردة الرفيعة. من هنا، يكون قد حسّن نمط الحياة لدى المصاب وساعد على تطوّر شفاء تقرّح الشرايين. ويمكن للحامل الإستفادة منه، بعد الشهر الثالث، وذلك بعد مراجعة طبيبها.
- كيف تتمّ حماية الرجلين أثناء العمل؟
مما لا شكّ فيه أن لبعض الأعمال تأثيراً على إصابة الأرجل، وكذلك عمل الأوردة فيها. ويصاب نحو 40 في المائة من الأشخاص العاملين بمشكلات في الأوردة، وترتفع هذه النسبة إلى 80 في المائة في بعض الأعمال، ما يشير إلى دور أسلوب الحياة في الإصابة، خصوصاً العمل الذي يتطلّب ممّن يقوم به الوقوف طويلاً.
وقد بيّنت الدراسات أن اهتراء الأوردة لا ينتج عن شيخوختها حصراً، بل عن الوقت الطويل الذي يمضيه الإنسان في مزاولة عمل غير مريح. وتتفاقم المشكلة إذا كان الشخص يعاني من الوزن الزائد.
ولتحسين الدورة الدموية، يمكن العمل على مستويين، هما:
المستوى الأول: التخفيف من العوامل الضاغطة: الوزن الزائد، خلل الهورمونات، الثياب الضيّقة خصوصاً على مستوى البطن والرجلين.
المستوى الثاني: السير والجلوس في وضعية صحيحة أثناء العمل. وفي هذا الإطار، أنصح النساء بممارسة الرياضة الشريانية التي تسمح بإنعاش العضل الذي يحمل الأوعية. فإذا كان عملك يتطلّب منك البقاء خلف المكتب أو الوقوف لساعات طويلة، لا بدّ من القيام ببعض الحركات الرياضية لمدة 5 دقائق يومياً.
وإذا تفاقمت المشكلة، لا بدّ من استشارة طبيب الشرايين لمساعدتك.
5 أو 7 ملليمترات
- ماذا عن الجراحة؟ ومن ينصح بالخضوع إليها؟
يمكن معالجة «الدوالي» بواسطة العملية الجراحية أو «اللايزر»، إذا كان قطرها يبلغ نحو 7 ملليمترات أو أكثر، إلا أن المشكلة هي أن المصابات لا ينتظرن إلى أن يصبح بهذا الحجم. وحالياً، يتمّ إجراء العملية، إذا كان قطره نحو 5 ملليمترات. وتجدر الإشارة إلى أنه يتمّ الحفاظ على الوريد المستأصل جراحياً أو بواسطة «اللايزر» لأنه قد يستعمل من قبل جرّاحي القلب، في ما بعد، إذا احتاجت المريضة لعملية قلب مفتوح، على سبيل المثال.
- هل من موانع لإجراء هذه العملية؟
لا يمكن إجراء هذه العملية للحامل أو المرضعة أو من يعانون من الإلتهاب (التقرّح). ومن المستحسن ألا يخضع لها مرضى السكري و«الكولستيرول».
- ماذا عن تقنية «اللايزر»؟
تتمّ هذه التقنية عبر إدخال ألياف بصرية (فايبر أوبتيك) تحت الجلد، بهدف إحراق الأوردة من الداخل، وذلك بدون إجراء أية جراحة، نظراً إلى أن الضوء يتحوّل إلى حرارة ويحمي الغشاء الوريدي، مما يقلّصه ويجفّفه. ويمكن الخضوع إلى هذه التقنية في عيادة الطبيب، حيث إنها لا تستغرق أكثر من ساعة، ويستطيع المريض أن يستأنف عمله فوراً بعدها.